عملية الرباط الصليبي لدى الأطفال تُعد واحدة من الجراحات الدقيقة والحيوية التي تهدف إلى استعادة وظائف الركبة واستقرارها بعد تعرضها لتمزق في الرباط الصليبي.
تُجرى جراحة اعادة بناء الرباط الصليبي بحذر شديد لدى الأطفال لتجنب التأثير على مراكز النمو في العظام، وذلك بالاعتماد على تقنيات متطورة مثل الجراحة بالمنظار.
فقد زادت في السنوات الأخيرة معدلات تمزق الرباط الصليبي الأمامي في الأطفال وبالتالي، زادت معدلات إجراء عملية الرباط الصليبي عند الأطفال الذين لم يكتمل لديهم النمو الهيكلي.
ونظرًا لكَون صفائح النمو في الجزء السفلي من عظمة الفخذ والجزء العلوي من عظمة الظنبوب، والتي تعمل على نمو الأطراف السفلية، فإن اختيار التقنية الجراحية والطُعم المستخدم له أهمية كبيرة لتقليل خطر إصابة صفائح النمو.
في هذا المقال نتناول كيفية إجراء عملية الرباط الصليبي بالمنظار للأطفال ونجيب عن بعض الأسئلة التي تشغل ذوي الأطفال المصابين وأهمها كم يستمر الألم بعد عملية الرباط الصليبي، فتابعونا.
نظرة عامة
تمزق الرباط الصليبي الأمامي، الذي كان يُعتبر سابقًا نادر الحدوث لدى الرياضيين الذين لم يكتمل لديهم النمو الهيكلي (الأطفال والمراهقيين)، أصبح الآن يُلاحظ بشكل متزايد.
وهناك عدة عوامل ساهمت في هذا الارتفاع الملحوظ، منها:
- الزيادة الكبيرة في الأنشطة الرياضية التنافسية بين الأطفال والمراهقين.
- التخصص المبكر في رياضات معينة، مثل كرة القدم.
- زيادة الوعي بهذه الإصابات لدى الأطفال.
- التدريبات والمنافسات المستمرة على مدار العام.
وتشير الدراسات إلى أن معدل عمليات إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي لدى الأطفال والمراهقين دون سن 20 عامًا تضاعف ثلاث مرات تقريبًا بين عامي 1990 و2009 في الولايات المتحدة.
كما أن المراهقين يمثلون الشريحة العمرية الأكبر من حيث معدل عمليات إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي.
في الماضي، كان النهج الأكثر شيوعًا هو العلاج الغير الجراحي حتى يصل الطفل إلى النضج الهيكلي، ثم يتم إجراء إعادة بناء تقليدية للرباط الصليبي الأمامي.
وأدى الفهم الحديث لمخاطر العلاج غير الجراحي (التحفظي) وتأخر العلاج الجراحي إلى تزايد التوجه نحو الجراحة المبكرة.
نتيجة لذلك، تطورت التقنيات الجراحية والأدوات لتتناسب مع البنية التشريحية الفريدة للمرضى الذين لم يكتمل لديهم النمو الهيكلي.
بعد سن 12 إلى 13 عامًا لدى الفتيات وسن 14 عامًا لدى الأولاد، يتبقى نمو محدود جدًا حول الركبة (أقل من 1 سم في كل جزء من الأطراف). وحتى الوصول إلى هذه المرحلة، يجب الحرص في طريقة إجراء جراحة إعادة بناء الرباط الصليبي ومراعاة وضع صفائح النمو.
وعلى الرغم من وجود تقارير محدودة عن اضطرابات النمو بعد عملية الرباط الصليبي عند الأطفال في بعض الحالات الفردية، التي أُجريت لهم الجراحة بالطرق التقليدية، فإن المعدل الحقيقي لهذه الاضطرابات غير معروف تمامًا ومن المرجح أن يكون أعلى مما تم الإبلاغ عنه طبًيا.
حيث حددت دراسة أجراها جراحون متخصصون في الرباط الصليبي، حالات أصيبت بتشوهات بعد الجراحة بسبب إصابة صفائح النمو. شملت هذه التشوهات:
- اعوجاج الركبة إلى الداخل (Genu Valgum): بسبب إصابة صفائح النمو في عظمة الفخذ.
- الانحناء الخلفي للظنبوب (Tibial Recurvatum).
- تفاوت في طول الأطراف.
فكان من الضروري إعتماد تكنيك جديد وتقنيات خاصة بجراحة الرباط الصليبي عند الأطفال والمراهقين. وهي ما سنتطرق إليها لاحقًا في هذا المقال.
عوامل خطورة إصابات الرباط الصليبي الأمامي في الأطفال
يمكن أن تزيد بعض العوامل من خطر إصابة الأطفال بهذه الإصابات، ومنها:
1. العمر والنشاط البدني:
- الأطفال والمراهقون النشطون في الرياضات عالية الكثافة مثل كرة القدم، كرة السلة، الجمباز، والتزلج يكونون أكثر عرضة للإصابات.
- الفئة العمرية من 10 إلى 14 عامًا تُعد الأكثر عرضة بسبب نشاطهم المرتفع وتطور النمو.
2. العوامل التشريحية:
- الاختلافات في زاوية الركبة: يُشار إلى أن زاوية “Q” (الزاوية بين عضلات الفخذ والركبة) تختلف بين الأفراد، مما قد يزيد من خطر الإصابة.
- ضعف العضلات المحيطة بالركبة: ضعف عضلات الفخذ أو العضلات الخلفية قد يؤدي إلى عدم استقرار الركبة.
- مرونة الأربطة الزائدة: بعض الأطفال قد تكون لديهم مرونة زائدة في الأربطة، ما يجعلها أكثر عرضة للتمزق.
3. العوامل البيوميكانيكية:
- تقنيات الحركة الخاطئة أثناء القفز أو الهبوط.
- عدم الاتزان العضلي بين العضلات الأمامية والخلفية للفخذ.
4. الجنس:
- تشير الدراسات إلى أن الفتيات أكثر عرضة للإصابة بتمزق الرباط الصليبي مقارنة بالفتيان، بسبب الاختلافات في بنية الجسم، والهرمونات، وأنماط الحركة.
5. الإصابات السابقة:
- التعرض لإصابة سابقة في الركبة يزيد من خطر التعرض لإصابة جديدة في الرباط الصليبي.
6. الأحذية والأسطح:
- الأحذية الرياضية غير المناسبة أو اللعب على أسطح غير متساوية قد يزيد من خطر الإصابة.
7. الوراثة:
- وجود تاريخ عائلي للإصابات في الأربطة الصليبية قد يكون عاملاً مساعدًا.
طرق الوقايةمن إصابات الرباط الصليبي عند الأطفال
- برامج تقوية العضلات وزيادة التوازن.
- التدرب على تقنيات القفز والهبوط السليمة.
- الاحماء قبل ممارسة التمرينات الرياضية.
متى يحتاج الطفل إلى عملية الرباط الصليبي؟
عند تعرّض الطفل لتمزق كامل في الرباط الصليبي، قد يعاني من:
- عدم استقرار الركبة.
- صعوبة في ممارسة الأنشطة الرياضية.
- ألم متكرر عند الحركة.
في مثل هذه الحالات، يُوصى بإجراء عملية الرباط الصليبي بالمنظار للأطفال. تتميز هذه التقنية بكونها دقيقة وتقلل من الضرر المحتمل على مراكز النمو.
علاج تمزق الرباط الصليبي في الاطفال
علاج تمزق الرباط الصليبي في الأطفال يعتمد على عدة عوامل مثل عمر الطفل، مستوى النشاط البدني، شدة التمزق، وحالة النمو العظمي (وجود صفائح النمو).
الهدف الأساسي من العلاج هو استعادة استقرار الركبة ومنع حدوث أي تلف مستقبلي في المفصل. تتنوع الخيارات العلاجية بين العلاجات التحفظية والجراحية:
العلاج التحفظي (غير الجراحي)
الحالات المناسبة للعلاج التحفظي:
- الأطفال الأصغر سنًا أو غير النشطين رياضيًا.
- وجود تمزق جزئي مع استقرار الركبة نسبيًا.
طرق العلاج التحفظي:
- العلاج الطبيعي: تقوية العضلات المحيطة بالركبة (مثل عضلات الفخذ الخلفية والأمامية) لتحسين الاستقرار.
- استخدام الدعامة: دعامات الركبة تساعد في دعم المفصل ومنع الحركات الخطرة.
- الابتعاد عن الأنشطة الرياضية: خاصة تلك التي تتطلب الالتفاف أو القفز.
عيوب العلاج التحفظي:
قد يؤدي إلى مزيد من عدم استقرار الركبة مع الوقت، مما يزيد من خطر إصابة الغضاريف أو المفصل.
العلاج الجراحي
في حالة الأطفال النشطين رياضيًا أو في حالة التمزق الكامل وعدم استقرار الركبة، غالبًا ما يُوصى بإجراء عملية جراحية لإعادة بناء الرباط الصليبي.
خطوات العملية:
- تقييم الحالة: تصوير الركبة باستخدام الرنين المغناطيسي لتحديد مدى التمزق.
- إعداد المريض: تخدير كامل للمريض.
- تنفيذ العملية: يتم إدخال منظار دقيق يحتوي على كاميرا وأدوات جراحية صغيرة لإصلاح أو إعادة بناء الرباط الممزق باستخدام وتر مأخوذ من جسم المريض نفسه.
تقنيات الجراحة:
- تقنية الحفاظ على صفائح النمو:
- تُستخدم للأطفال الصغار حيث يتم تجنب إحداث ضرر في صفائح النمو.
- يتم استخدام الرباط الاصطناعي أو أخذ جزء من الأوتار مثل شريط “اللفافة العريضة” (Iliotibial Band).
- إعادة البناء عبر صفائح النمو:
- تُستخدم في الأطفال الأكبر سنًا مع عناية خاصة أثناء الحفر لتجنب الأضرار بصفائح (مراكز) النمو.
- أنواع الطعوم المستخدمة:
- الأوتار الذاتية: يتم أخذ جزء من وتر العضلة المأبضية أو وتر الرضفة.
- الأوتار المأخوذة من متبرعين: تُستخدم في بعض الحالات ولكنها أقل شيوعًا لدى الأطفال بسبب ارتفاع معدل الفشل.
- نتائج الجراحة:
- الجراحة تعيد استقرار الركبة وتسمح بالعودة إلى النشاط الرياضي.
- معدلات النجاح مرتفعة ولكن قد تحدث مضاعفات مثل تصلب المفصل أو تمزق جديد.
التأهيل بعد العلاج
بعد الجراحة أو العلاج التحفظي، يجب اتباع برنامج تأهيلي شامل.
حيث يركز برنامج العلاج الطبيعي على استعادة القوة، تحسين التوازن، واسترجاع المدى الحركي للركبة، ويستمر التأهيل عادةً من 6 إلى 12 شهرًا.
شكل الركبة بعد عملية الرباط الصليبي في الأطفال
بعد الجراحة، قد تظهر ندبة صغيرة في مواضع دخول المنظار، لكن الشكل العام للركبة يظل طبيعيًا.
ويُوصي الطبيب بعد الجراحة بالالتزام ببرنامج العلاج الطبيعي لتحسين حركة الركبة وتقوية العضلات المحيطة.
كم يستمر الألم بعد عملية الرباط الصليبي؟
بعد العملية، قد يستمر الألم لعدة أيام نتيجة الالتهاب الناتج عن الجراحة. يُمكن السيطرة على الألم باستخدام:
- الأدوية المضادة للالتهاب.
- الكمادات الباردة، مع الحرص على جفاف الجرح.
- الراحة.
مع الالتزام ببرنامج العلاج الطبيعي، ينخفض الألم تدريجيًا ويستعيد الطفل قدرته على الحركة خلال 4-6 أسابيع.
طريقة النوم بعد عملية الرباط الصليبي
جب مراعاة وضعية النوم لتجنب الضغط على الركبة المصابة. يُفضل النوم على الظهر مع رفع الساق المصابة باستخدام وسادة.
كما يمكن النوم على الجنب مع وضع وسادة بين الركبتين لتقليل التوتر على المفصل.
المضاعفات المحتملة بعد عملية الرباط الصليبي للأطفال
رغم نجاح العملية في معظم الحالات، قد تحدث بعض المضاعفات، ومنها:
- تصلب الركبة أو فقدان جزء من نطاق الحركة.
- تورم الركبة.
- إصابة مراكز النمو إذا لم تُجرَ الجراحة بحذر. لذلك، يجب اللجوء لأفضل دكتور لعملية رباط صليبي.
العودة إلى النشاط الرياضي
يُمكن للأطفال العودة إلى ممارسة الرياضة بعد 6-12 شهرًا من الجراحة، وفقًا لاستجابة الجسم للعلاج الطبيعي.
نصائح لتجنب إعادة الإصابة
- ارتداء دعامات الركبة أثناء النشاط الرياضي.
- تقوية العضلات المحيطة بالركبة.
- تجنب التمارين الشاقة في الفترة الأولى بعد العودة للمارسة الرياضة.
تكلفة عملية الرباط الصليبي لدى الأطفال
تختلف تكلفة عملية الرباط الصليبي لدى الأطفال بناءً على عدة عوامل، منها:
- خبرة الجراح.
- نوع التقنية المستخدمة (مثل الجراحة بالمنظار).
- المستشفى، سواء كان خاصًا أو حكوميًا.
- الرعاية الطبية بعد العملية.
- التأمين الصحي للطفل.
تتراوح التكلفة غالبًا بين 30,000 و70,000 جنيه مصري في مصر، مع وجود اختلافات حسب العوامل المذكورة أعلاه.
مقالات ذات صلة:
تمزق الرباط الصليبي عند الاطفال
أفضل دكتور لعملية الرباط الصليبي
أسئلة شائعة عن عملية الرباط الصليبي عند الأطفال
نعم، يمكن أن يُصاب الأطفال بتمزق في الرباط الصليبي الأمامي، خاصةً عند ممارسة الرياضات التي تتطلب تغيير الاتجاه بسرعة أو القفز، مثل كرة القدم وكرة السلة. ومع ذلك، تعتبر إصابات الرباط الصليبي في الأطفال أقل شيوعًا مقارنة بالبالغين بسبب مرونة أنسجتهم.
تشمل المخاطر المحتملة ما يلي:
إصابة صفائح النمو: إذا لم تُجرَ الجراحة بعناية، قد تؤدي إلى مشاكل في نمو العظام.
تصلب الركبة: انخفاض المدى الحركي للركبة بعد الجراحة.
إعادة تمزق الرباط: قد تحدث إصابة جديدة للرباط بعد العودة إلى الأنشطة الرياضية.
مضاعفات التخدير أو العدوى: وهي نادرة.
تصل نسبة نجاح عملية الرباط الصليبي لدى الأطفال إلى أكثر من 90% عند استخدام تقنيات حديثة تراعي نمو صفائح العظام. الأطفال الذين يخضعون للجراحة يمكنهم غالبًا العودة إلى مستويات نشاطهم السابقة بعد فترة التأهيل.
يتراوح وقت الشفاء الكامل بين 6 إلى 12 شهرًا. يتضمن ذلك إعادة التأهيل لتحسين القوة والحركة واستعادة استقرار الركبة، مع مراعاة العودة التدريجية إلى الرياضة.
References
https://www.mammothortho.com/pdf/pedi-acl.pdf
https://www.arthroscopyjournal.org/article/S0749-8063(22)00467-4/fulltext
اترك تعليقاً