مضادات الالتهابات اللاستيرويدية NSAIDs من أكثر ادوية العظام و المفاصل استخدامًا. ويتفق الخبراء على أن تعاطي مضادات الالتهابات اللاستيرويدية (nonsteroidal anti-inflammatory drugs NSAIDs ) لا يمثل ضررًا إذا ما تم استخدامها من وقت لأخر لمعالجة الآلام الخفيفة إلى المتوسطة. وبالفعل نجد أنه في اليوم الواحد يستخدم الملايين من البشر مضادات الالتهابات اللاستيرويدية لتخفيف آلام الصداع وخفض درجات الحرارة وإزالة أعراض الحمى. كما أنه أحد أشهر المسكنات وأكثرها شيوعًا بين مرضى التهابات المفاصل وإصابات العظام بشكل عام, ما لم يجد الطبيب ما يمنع من استخدامها, وذلك حسب حالة المريض. فما هي مضادات الالتهابات اللاستيرويدية وما هي استخداماتها وأعراضها الجانبية.
كما تستخدم أيضًا في حالات الإجهاد العضلي, تسكين الآلام المزمنة, الحد من أعراض التهاب المفاصل المؤلمة, الالتواء والتقليل من التورم الناتج عنه, آلام الأربطة والأوتار, آلام الظهر والعنق, ولتسكين أي آلام عارضه تصيب الإنسان في حياته اليومية.
و تُعَد مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الأكثر استخدامًا حول العالم من بين مسكنات الألم, ومؤخرًا أصبحت الأكثر إثارة للجدل. فهذه الأدوية ذات الفائدة الكبرى قد ترفع من نسبة خطر التعرض للإصابة بقرحة المعدة وأمراض القلب. فهل من الآمن تناولها بصورة يومية لبعض المرضى؟ للإجابة على هذا السؤال علينا أن نعرف كيفية عمل مضادات الالتهاب اللاستيرويدية داخل جسم الإنسان ومدى تأثيرها عليه, وهذا ما سوف نعرض له فيما يلي.
فوائد استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية
تتمثل فائدة مضادات الالتهاب اللاستيرويدية كما سبق وذكرنا, في تخفيف ألام الصداع, علاج أعراض الحمى, تقليل التورم وتسكين الألم الناتج عن آلام المفاصل مثل النقرس وخشونة الركبة أو أي ألم عرضي يصيب الإنسان أثناء ممارسته للأنشطة اليومية.
- كيف تساعد مضادات الالتهاب على تخفيف الألم؟
يتم استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية في أغلب الحالات كمسكن للألم ولكي نعرف كيف تساعد هذه الأدوية على تخفيفه, علينا أولا أن نقوم بتعريف الألم.
- ما هو الألم؟
يُعَرَف الألم على أنه نتيجة لإشارة كهربية تم إرسالها من الأعصاب إلى المخ. ولكن لا تقتصر عملية الشعور بالألم على الإشارات الكهربائية فقط, فعند تعرض الجسم للإصابة, لنقل التعرض للالتواء كمثال, تفرز الأنسجة المصابة مادة كيمائية تسمى البروستاجلاندينProstaglandins)) وهي مادة تشبه الهرمونات, تتسبب هذه المادة بحدوث تورم, كما أنها تضخم الإشارات الصادرة من الأعصاب مما يزيد من الشعور بالألم. و تقوم انزيمات COX1 و COX2 بلعب دورا رئيسيا فى انتاج مادة البروستاجلاندين.
تقوم مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بوقف نشاط إنزيم كوكس_1 ( Cox1 ) و إنزيم كوكس_2 ( cox2 ). و هى بذلك تعمل على وقف إفراز المزيد من مادة البروستاجلاندين المسئولة بشكل كبير عن تورم الأنسجة وكذلك عن الشعور بالألم.
معظم مضادات الالتهاب اللاستيرويدية ( NSAIDs ) تثبط كلًا من إنزيم كوكس_1 و إنزيم كوكس_2 دون تمييز بينهما. بينما بعض الانواع الحديثة نسبيا تقوم بتثبيط انزيم كوكس_2 و سنذكر لاحقا ما الهدف من ذلك.
بعض مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الشائعة
– الأسبرين (Aspirin)
– الأيبوبروفين (أدفيل, بروفين) Ibuprofen (Advil, Brofen)
– كيتوبروفين (أكترون, أوروديس) Ketoprofen (Actron, Orudis)
– نابروكسين Naproxen
– ديكلوفيناك (فولتارين) Diclofenac (Voltaren)
ملحوظة: مادة الباراسيتامول (بانادول Panadol) لا تعتبر مضادة للالتهابات و لا تتبع هذه الفئة من الادوية.
يحتوي الأسبرين على بعض المميزات الغير متوفرة في أنواع مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الأخرى. أهم هذه المميزات هي أن الأسبرين يعمل على محاربة تكون جلطات الدم. ونتيجة لذلك, فإن مستخدمي الأسبرين أقل عرضة لتكون الجلطات المسببة للأزمات القلبية والسكتات الدماغية. أما مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الأخرى فهي لا تحتوي على هذه الميزة.
الأضرار الجانبية لاستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية
معظم مستخدمي مضادات الالتهاب اللاستيرويدية لا يتعرضون لمشاكل صحية خطره ناجمة عن استخدامهم لهذه الأدوية. ولكن بالنسبة للبعض, وخاصًة من يحتاجون لتناول مضادات الالتهاب اللاستيرودية بصوره منتظمة و لفترات طويلة, قد يتعرضون لبعض الأعراض الجانبية. فتناول قرص من هذه الأدوية يؤثر على نظام جسم الإنسان ككل, فبينما تقوم مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بعمل مفيد في تخفيف الألم, إلا أنه قد يكون لها تأثير غير مرغوب فيه على أجزاء أخرى من الجسد. و اهم هذه الاعراض الجانبية هى ما يلي:
- مشاكل المعدة والجهاز الهضمي.
تٌعَد أكثر الأعراض الجانبية شيوعًا هي الإصابة بقرحة المعدة, ومشكلات أخرى في المعدة, المرئ والأمعاء الدقيقة.
والسبب في ذلك هو منع مضادات الالتهاب اللاستيرويدية لإفراز مادة البروستاجلاندين, المادة التي تشبه الهرمونات وتتسبب في تورم الأنسجة وتزيد من الشعور بالألم, ولكن, هذه ليست الوظيفة الوحيدة للبروستاجلاندين. حيث يساعد أحد أنواع البروستاجلاندين على حماية بطانة المعدة والجهاز الهضمي. و حين تقوم مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بتثبيط إنزيم كوكس_1 يتسبب ذلك في الحد من إنتاج جسم الإنسان للبروستاجلاندين فى المعدة. ولهذا تتسبب مضادات الالتهاب اللاستيرويدية في مشاكل عده للجهاز الهضمي بدءا من الشعور بعدم الراحة, إلى إصابته بالتلف بسب أحماض المعدة الطبيعية. اما مضادات الالتهابات التى تعمل تحديدا على تثبيط انزيم كوكس_2 فقط فهي أقل ضررا على المعدة.
- ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكُلى.
قد تتسبب مضادات الالتهاب اللاستيرويدية في الإقلال من تدفق الدم للكُلى, مما يبطئ من عملها, وعندما تتأثر وظائف الكلى, تزيد نسبة السوائل في جسم الإنسان وكلما زادت نسبة السوائل في مجرى الدم, كلما ارتفع ضغط الدم بصورة مَرَضية.
تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بكميات كبيره وعلى فترات متقاربة قد يؤدي إلى تلف دائم في الكلى بسبب قلة تدفق الدم إليها, الناتج عن تناول هذه الأدوية بكثرة وقد يؤدي ذلك في نهاية الأمر إلى الإصابة بالفشل الكلوي.
- حساسية
قد يتعرض البعض لردات فعل تحسسيه شديدة عند تناول أحد مضادات الالتهاب اللاستيرويدية خاصًة مرضى الربو, ولم يتأكد الخبراء بعد من سبب ردات الفعل هذه. كذلك يوصي المتخصصين بالابتعاد عن تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية في حال وجود مشاكل بالجيوب الأنفية فى بعض الحالات.
وجه الاختلاف بين مثبطات إنزيم كوكس_2 مثل سليبركس (Celebrex) و موبيك (Mobic) ومضادات الالتهاب اللاستيرويدية الأخرى
تُعَد مثبطات إنزيم كوكس_2 أحد أنواع مضادات الالتهاب اللاستيرويدية, وهي تعمل بوجه عام كمثيلاتها. فلهم نفس الأثر في تخفيف الألم, ويتشابها كذلك في معظم الأعراض الجانبية تقريبًا.
يوجد بالرغم من ذلك فارق حيوي يتمثل في كون مثبطات إنزيم كوكس_2 صُمِمَت لتتجنب مشكلات الجهاز الهضمي الشائع حدوثها مع استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الأخرى.
حيث تؤثر معظم مضادات الالتهاب اللاستيرويدية في مستوى إنزيم كوكس_1 وكذلك إنزيم كوكس_2. اما مثبطات إنزيم كوكس_2 فهى تعيق إنزيم كوكس_2 فقط, لذا فهذا النوع من مضادات الالتهاب لا يؤثر على إفراز مادة البروستاجلاندين التي تحمي بطانة المعدة والجهاز الهضمي. تقدم مثبطات إنزيم كوكس_2 نفس القدرة على تخيف الألم مثل التي تقدمها الأنواع الأخرى من مضادات الالتهاب اللاستيرويدية, بنسبة مخاطرة اقل فيم يخص التعرض لمشكلات الجهاز الهضمي كنتيجة لاستخدام مثيلاتها.
مخاطر استخدام مثبطات إنزيم كوكس_2
يتواجد كلًا من إنزيم كوكس_1 وكوكس_2 في الجسم الطبيعي بنسب متوازنة, عند تثبيط أحد الإنزيمين من دون تثبيط الأخر, حينها قد تحدث بعض الأمور الغير متوقعه. فقد تبين أن إنزيم كوكس_1 يساعد أيضًا على إفراز مادة كيميائية تعزز من تخثر الدم وتعمل على تصلب الشرايين, هذين الأثرين الغير مرغوب بهما, ومنعًا لحدوث ضرر لجسم الإنسان, يقعا تحت سيطرة مادة كيميائية تسمى البروستاسيكلين (Prostacyclin), ولكن البروستاسيكلين يتم إفرازه بمساعدة جزئية من إنزيم كوكس_2, ذلك الإنزيم الذي تثبطه أحد أنواع مضادات الالتهابات مثل عقار سليبركس.
تثبيط إنزيم كوكس_2 يزعزع التوازن بين هذه الإنزيمات. فتنخفض نسبة البروستاسيكلين تاركًة المجال لإنزيم كوكس_1 دون سيطرة, وهنا ترتفع نسبة التعرض لخطر الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية. لهذا ارتبطت مثبطات إنزيم كوكس_2 بزيادة خطر التعرض للإصابة بالسكتات الدماغية والقلبية. تبين أن نسبة التعرض لهذه المشاكل الصحية كان خطيرًا بما يكفي لسحب بعض مثبطات إنزيم كوكس_2 من الأسواق مثل عقار فيوكس (vioxx) تجنبًا لحدوث المشاكل الصحية السابق ذكرها لمستخدمي هذه الأدوية المثبطة لإنزيم كوكس_2.
- يجب الانتباه عند الإقدام على تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية إلى ما يلي:
ترتفع نسبة خطورة الإصابة بالأعراض الجانبية السابق ذكرها حسب عدة عوامل, منها التقدم في العمر، أو في حالة وجود مشاكل صحية أخرى مثل السكري، أمراض الكلى, وجود تاريخ مرضي للإصابة بقرحة المعدة أو ارتجاع المرئ. ففي حال تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بانتظام، يجب التحدث مع الطبيب المعالج حتى يتمكن من تقييم الحالة العامة للمريض وتحديد الجرعة المناسبة والموازنة بين الأضرار والفوائد الناجمة عن تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
References:
https://www.health.harvard.edu/blog/nsaids-how-dangerous-are-they-for-your-heart-2019010715677