إذا كنت قد خضعت سابقًا لجراحة الرباط الصليبي الأمامي وما زلت تعاني من الألم أو عدم استقرار الركبة، فقد تكون بحاجة إلى إعادة عملية الرباط الصليبي الأمامي.
فبالرغم من أن عملية إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي تُحقق نسب نجاح عالية، إلا أن بعض المرضى قد يواجهون فشلًا في العملية الأولى، مما يستدعي إجراء ما يُعرف بـ إعادة عملية الرباط الصليبي الأمامي.
وذلك في حالة فشل عملية الرباط الصليبي الأولى وهو أمر قليل الحدوث. خاصةً إذا ما استعددت جيدًا للجراحة والتزمت بتعليمات ما بعد الجراحة والتزمت بمراحل إعادة التأهيل في إصابات الرباط الصليبي الأمامي وقبل ذلك كله، اخترت طبيب ماهر يتمتع بخبرة في جراحات الركبة عامًة والرباط الصليبي بشكل خاص.
هذه الجراحة تُعتبر أكثر تعقيدًا من الجراحة الأولى، نظرًا لتغير معالم الركبة بعد العملية الأولى، واحتمالية وجود تلف مصاحب في الغضاريف أو الأربطة الأخرى.
في هذا المقال نستعرض معك عزيزي القارئ أسباب إعادة عملية الرباط الصليبي ومتي تحتاج إلى إجرئها وكيفية الحفاظ على نتائجها، وسبل الوقاية من تكرار الفشل.
نظرة عامة
تتمتع جراحة بناء الرباط الصليبي بنسبة نجاح عالية. ولكن ومع الأسف، تقل نسبة النجاح في جراحة الإعادة، وهو أمر طبيعي ومتوقع. لذا، فعلى المريض أن لا يرفع سقف توقعاته فيما يخص نتائج إعادة الجراحة.
لا توجد إصابة محددة تؤدي إلى فشل عملية الرباط الصليبي. ومع ذلك، يمكن للوقت الذي حدث فيه الفشل بعد الجراحة أن يساعد في تحديد سبب الفشل. فعلى سبيل المثال؛
الفشل خلال الأشهر الستة الأولى عادةً ما يكون بسبب ضعف التقنية الجراحية، وهو ما يذكرنا بضرورة اختيار طبيب ماهر يتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال لإجراء الجراحة الأولى. أو فشل التئام الطعم، أو المبالغة في ممارسة التمرينات أثناء فترة إعادة التأهيل بعد الجراحة.
عادةً ما يكون فشل الجراحة الذي يحدث بعد عام واحد بسبب إصابات مثل؛ إصابة هياكل أخرى في الركبة. قد تكون هذه الإصابات هي الغضاريف الهلالية أو الغضروف الموجود على طرفي عظمة الفخذ أو عظمة القصبة (الساق).
تحتاج هذه الإصابات إلى التقييم وقد يلزم معالجتها في وقت إعادة الجراحة، خاصةً تقوس الساقين، إذا لزم الأمر.

يجب أن يشتمل تقييم فشل عملية الرباط الصليبي الأمامي على مراجعة التاريخ المرضي للحالة، وفحص سريري بالاضافة إلى الاشعات التصويرية، بجانب فحص جسدي شامل لتحديد مستوى التعافي والسبب المحتمل للفشل.
أسباب إعادة عملية الرباط الصليبي
تُصبح إعادة عملية الرباط الصليبي الأمامي ضرورية عندما تفشل الجراحة الأولى في استعادة استقرار ووظيفة الركبة. وتختلف أسباب هذا الفشل من حالة إلى أخرى، لكن يمكن تلخيص أبرزها في النقاط التالية:
- تمزق جديد في الرباط المعاد بناؤه، نتيجة إصابة رياضية أو حادث.
- أخطاء تقنية أثناء الجراحة الأولى، مثل:
- وضع غير دقيق للأنفاق العظمية.
- تثبيت غير مثالي للطُعم.
- فشل بيولوجي في التئام الطُعم، أي أن الجسم لم يندمج مع الطُعم المزروع بشكل كافٍ، مما يؤثر على ثبات الرباط.
- وجود إصابات مصاحبة لم تُشخّص أو تُعالج سابقًا، مثل:
- تمزق في الغضروف الهلالي.
- تلف في سطح المفصل (الغضروف المفصلي).
- عدم الالتزام ببرنامج التأهيل بعد الجراحة الأولى، مما يؤدي إلى ضعف في العضلات الداعمة للركبة وخلل في التوازن الحركي.
كذلك يلزم تصحيح عدم محاذاة العظام (مثل وجود تقوس الساقين المصاحب لإصابة الرباط الصليبيي، أو اختلاف الطول بين الرجلين)، لذلك يجب استعدال الساقين جراحيًا قبل إجراء جراحة الرباط الصليبي الأمامي أو أثنائها لتفادي فشل الجراحة.
كما أن الانحدار الظنبوبي المفرط للأمام (وهو واحد من تشوهات انحناء الساق)يعرض المرضى لخطر أكبر بكثير لفشل جراحة بناء الرباط الصليبي الأمامي.
حيث يؤدي المنحدر الظنبوبي إلى تحرك عظم الساق للأمام وسقوط عظم الفخذ للخلف، مما يضع ضغطًا هائلاً على الرباط الصليبي الأمامي. وكلما زاد المنحدر الظنبوبي، زاد خطر فشل التئام الطعم (الرقعة) مع العظام.

تحديد سبب الفشل بدقة يُعد خطوة أساسية لتخطيط العملية الثانية بشكل سليم، إذ تختلف الاستراتيجية الجراحية باختلاف العامل المُسبب.
أعراض فشل عملية الرباط الصليبي الأولى
- ألم مستمر في الركبة.
- عدم استقرار المفصل عند تغيير الاتجاه.
- فرقعة أو “خيانة” في الركبة عند الجري أو المشي.
- تورم متكرر بعد التمارين أو الأنشطة الرياضية.

إعادة عملية الرباط الصليبي (التشخيص)
يُعد التشخيص الدقيق خطوة حاسمة قبل اتخاذ قرار إعادة عملية الرباط الصليبي الأمامي، إذ يساعد الطبيب في فهم سبب الفشل ووضع خطة علاجية ملائمة. ويعتمد التشخيص عادة على الخطوات التالية:
الفحص الإكلينيكي الدقيق
ويتم من قِبَل طبيب عظام متخصص، ويشمل تقييم:
- مدى استقرار مفصل الركبة.
- وجود علامات على تمزق متكرر أو ارتخاء الرباط.
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI):
- يُستخدم لتقييم حالة الرباط المعاد بناؤه.
- يساعد على كشف الإصابات المصاحبة في الغضاريف أو الغضروف الهلالي.
- تُستخدم لتحليل وضعية الأنفاق العظمية التي تم إنشاؤها في الجراحة الأولى.
- تساعد في تقييم وجود توسع أو تآكل في العظم.
التصوير المقطعي بالكمبيوتر (CT scan) في بعض الحالات:
- يُستخدم لتحديد زوايا ومواقع الأنفاق السابقة بدقة ومدى الحاجة إلى ترقيع عظمي.
لمنظار التشخيصي (Arthroscopy):
- يُلجأ إليه في بعض الحالات المعقدة لتقييم المفصل من الداخل بشكل مباشر.

إعادة عملية الرباط الصليبي (الخيارات الجراحية)
تمثل عملية إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي تحديًا جراحيًا معقدًا بسبب وجود تغييرات تشريحية ناتجة عن الجراحة السابقة، ومحدودية خيارات الطُعم، واحتمالية وجود إصابات مصاحبة.
وتختلف الخيارات الجراحية تبعًا لسبب الفشل، وحالة العظم، ونوع الطُعم المستخدم سابقًا، وتشمل ما يلي:
اختيار الطُعم المناسب:
- الطعوم الذاتية (Autograft): مثل وتر العضلة الخلفية أو الوتر الرضفي. وتُفضَّل غالبًا لأنها تُحقق معدلات فشل أقل ووظائف أفضل مقارنة بالطُعوم المأخوذة من المتبرعين.
من المهم الإشارة إلى أن إعادة بناء الوتر الرضفي في الرباط الصليبي الأمامي تُعد من الخيارات الفعالة في الجراحات المعاد إجراؤها.
- الطعوم المأخوذة من متبرع (Allograft): قد تُستخدم في بعض الحالات المعقدة، ولكنها ترتبط بمعدلات أعلى لفشل الطُعم، خاصة لدى الرياضيين الشباب.

تصحيح موقع الانفاق العظمية
- في كثير من حالات الفشل، تكون الأنفاق العظمية من الجراحة الأولى غير موضوعة بشكل صحيح.
- يُجرى تعديل مواقع هذه الأنفاق لضمان التثبيت الصحيح للطُعم الجديد.
الترقيع العظمي (Bone Grafting):
يُلجأ إليه عندما تكون هناك توسعات أو تآكل في الأنفاق العظمية السابقة.
في هذه الحالات، قد تُجرى الجراحة على مرحلتين:
- المرحلة الأولى: ترقيع العظم وتركه ليشفى.
- المرحلة الثانية: ترميم الرباط الصليبي الأمامي بعد 4–6 أشهر تقريبًا.
نوع الإجراء الجراحي: جراحة من مرحلة واحدة أم مرحلتين؟:
- مرحلة واحدة: إذا كانت الأنفاق العظمية صالحة للاستخدام أو يمكن تعديلها بسهولة.
- مرحلتان: إذا وُجدت مشاكل هيكلية كبيرة تتطلب ترقيع عظمي وتأجيل الجراحة.
تُشير الأدبيات الطبية إلى أن اختيار الطُعم الذاتي (خصوصًا من الركبة السليمة) يؤدي إلى نتائج وظيفية أفضل ونسب فشل أقل في عمليات الإعادة مقارنة باستخدام طُعوم المتبرعين
إعادة عملية الرباط الصليبي (نتائج الجراحة والمضاعفات المحتملة)
رغم تعقيد إعادة عملية الرباط الصليبي الأمامي، إلا أن النتائج يمكن أن تكون ممتازة عند التخطيط الجيد والتنفيذ الدقيق من قِبَل جراح ذو خبرة. ومع ذلك، تختلف النتائج من مريض لآخر بحسب عدة عوامل مثل سبب فشل العملية الأولى، ونوع الطُعم المستخدم، وجود إصابات مصاحبة، والالتزام ببرنامج التأهيل.
نسب النجاح:
- تتراوح نسبة النجاح بعد عملية إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي بين 70–80%.
- بالمقارنة، فإن العملية الأولى عادة ما تحقق نسبة نجاح بين 85–90%.
معدل العودة إلى الرياضة:
تشير الأبحاث إلى أن أقل من نصف المرضى (حوالي 50%) يعودون إلى نفس المستوى الرياضي السابق بعد إعادة عملية الرباط الصليبي، حتى مع نجاح الجراحة وظيفيًا. والعوامل المؤثرة في ذلك: الجانب النفسي، والخوف من تكرر الإصابة، ومدى جودة التأهيل.
المضاعفات المحتملة:
- ألم مزمن أو مشاكل في العظام حول الأنفاق السابقة.
- تيبس المفصل أو ضعف المدى الحركي.
- تكرار فشل الطُعم، خاصة مع العودة المبكرة للرياضة أو استخدام طُعوم متبرع.
- العدوى أو الجلطات أو مضاعفات التخدير (وهي نادرة ولكن واردة كما في أي جراحة أخرى).

إعادة التأهيل في إصابات الرباط الصليبي الأمامي
إعادة التأهيل الجيد هو أساس نجاح أي عملية رباط صليبي، وخصوصًا في حالات الإعادة. يشمل البرنامج:
- تقوية العضلات المحيطة بالركبة (خاصة عضلات الفخذ).
- تمارين التوازن والاستقرار.
- استعادة المدى الحركي الكامل للركبة
- التدرج في العودة للأنشطة الرياضية.
- متابعة مستمرة مع أخصائي العلاج الطبيعي.
- ارتداء دعامة بية أثناء فترة التأهيل.

قد يستغرق الأمر ما يصل إلى 12 شهرًا للتعافي بشكل كامل من إعادة جراحة الرباط الصليبي الأمامي.
وللإطلاع على التمرينات الخاصة بالبرنامج التأهيلي الذي يشمل العلاج الدوائي والعلاج الطبيعي، يمكنكم النقر هنا لقرائتها بالتفصيل.
أظهرت الدراسات أن العودة المبكرة جدًا للرياضة (قبل 9 أشهر من الجراحة) ترتبط بزيادة خطر تمزق الرباط الجديد بمعدل الضعف تقريبًا.
الوقاية من فشل العملية الثانية
- اختيار جراح متخصص وذو خبرة في إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي.
- الالتزام الدقيق ببرنامج التأهيل.
- تجنب العودة المبكرة للرياضة.
- التحكم في الوزن ونمط الحياة.
خاتمة
إذا كنت تفكر في إجراء عملية إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي، فاختيارك للجراح المتمرس وبرنامج التأهيل المناسب يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في جودة حياتك. ومن المهم مناقشة مخاطر وفوائد الإجراء مع طبيبك. ففي حالات قليلة، قد يكون العلاج التحفظي خيارًا متاحًا.
مقالات ذات صلة
أعراض فشل عملية الرباط الصليبي
التعايش مع اصابة الرباط الصليبي
علاج الرباط الصليبي بدون جراحة
أسئلة شائعة عن إعادة عملية الرباط الصليبي
في بعض الحالات الخفيفة أو غير المعقدة، قد يكون العلاج غير الجراحي مثل العلاج الطبيعي المكثف خيارًا مؤقتًا، خاصة للمرضى غير النشطين بدنيًا. لكن في حالات عدم استقرار الركبة أو وجود تلف في الطُعم، تكون الجراحة هي الحل الأمثل.
المشي المعتدل عادة لا يضر الرباط الصليبي، بل يُعد جزءًا من إعادة التأهيل بعد الجراحة. لكن الأنشطة التي تتضمن تغييرات مفاجئة في الاتجاه أو القفز قد تزيد من خطر الإصابة أو إعادة التمزق، لذا يجب اتباع تعليمات الطبيب بدقة.
هي جراحة تعويضية يتم فيها إزالة الطُعم التالف من الجراحة السابقة، ثم زرع طُعم جديد (من المريض أو متبرع)، مع تصحيح أي مشاكل في موضع الأنفاق أو بنية الركبة. الهدف منها هو استعادة ثبات الركبة والوظيفة الحركية.
ليست خطيرة بحد ذاتها، لكنها أكثر تعقيدًا من الجراحة الأولى وتتطلب خبرة خاصة. قد ترتبط بنسبة أعلى من المضاعفات مثل تيبس المفصل أو فشل الطُعم، لذا فإن اختيار جراح متمرس والالتزام بالتأهيل يقلل المخاطر بشكل كبير.
References
https://www.hss.edu/conditions_revision-acl-reconstruction.asp