تلين العظام عند الكبار (Osteomalacia) أو ما قد يوصف أحيانًا بالعظام الرخوة، هي مشكلة تحدث بسبب عدم تمكن الجسم من بناء العظام بشكل طبيعي. وتحديدًا عدم قدرة العظام على التصلب (التمعدن) بسبب النقص الحاد في فيتامين (د).
تكمن أهمية فيتامين دال في وظيفته التي تتمثل في امتصاص الكالسيوم والفسفور اللازمين لتكوين الطبيعة الصلبة للعظام. وبدون خاصية التمعدن، تفقد العظام صلابتها وتتعرض للضعف والليونة ويجعلها أكثر عرضة للتقوس والكسر.
تلين العظام حالة تصيب البالغين وعند توفر نفس الظروف المرضيه لدى الأطفال تسمى لين العظام عند الأطفال (الكساح). وكلاهما يحدث بسبب النقص الحاد في فيتامين دال. وأيضًا كلاهما إلى جانب مرض العظم الزجاجي أمراض تؤثر على صحة وقوة العظام وقد تسبب تشوهات هيكلية.
قد يظن البعض أن حالة لين العظام عند الكبار هي مرادف لهشاشة العظام، ولكنه خطأ شائع، وسوف نُفرد فقرة في هذا المقال للتعرف على الفارق بينهما فندعوكم للقراءة.
نظرة عامة
تلين العظام، هو اضطراب أيضي (الأيض هو التمثيل الغذائي) في العظام يتميز بعدم كفاية تمعدن أنسجته. وينتج عن نقص فيتامين د أو الكالسيوم أو الفوسفات، وهي عناصر غذائية أساسية لنمو العظام وتصلبها. ويؤدي هذا النقص إلى فقدان كثافة المعادن في العظام، مما يجعل العظام ضعيفة وهشة ويزيد من خطر الإصابة بالكسور.
وبدون التمثيل الغذائي لهذه الفيتامينات والمعادن، يصاب المريض بتلين العظام، التي بدورها تتكون من ألياف الكولاجين ونقِي العظام (النخاع)، المسئول عن إنتاج كريات الدم البيضاء والحمراء، وكلاهما أنسجة رخوة لا تعطي العظم هيئته الصلبة. لذا تُغَطَى هذه المكونات الرخوة بطبقة من المعادن التي تتكلس لتعطي العظام صلابتها وقوتها اللازمتين لحركة الجسم، ولحماية أعضاء الجسم الداخلية، وأيضًا، لحماية المكونات الداخلية للعظام.
وفي حال تلين العظام لا تسطيع ألياف الكولاجين الرخوة القيام بدور العظام فتتقوس وتتعرض للكسر بسهولة إلى جانب الألم الذي يعانيه المريض جراء ليونة العظام.
الفرق بين تلين العظام (Osteomalacia) وهشاشة العظام (Osteoporosis)
تتشابه الحالتين في العديد من النقاط وتختلف في أخرى. وأبرز نقاط التشابه ما قد ينتج عن الإصابة بأحد المرضين، وهو الكسور. بينما الفارق الأساسي يكمن في كيفية حدوث كلا الحالتين. وننوه إلى إمكانية الإصابة بهما معًا في وقتٍ واحد.
تلين العظام عند الكبار وهشاشة العظام كلاهما من أمراض العظام والتي تؤثر على العظام بطرق مختلفة.
تلين العظام (أو ما يطلق عليه البعض ليونة العظام عند الكبار) هو اضطراب يؤدي إلى انخفاض قدرة العظام على التمعدن. كما أوضحنا آنفًا، حيث يسبب تلين العظام عظامًا رخوة (لينة) بسبب نقص فيتامين د. مما يؤدي إلى تكسر العظام بشكل أسرع مما يمكنها إعادة تكوينه.
ينتج هذا الاضطراب عن نقص في فيتامين (د) أو الكالسيوم أو الفوسفات، وهي عناصر غذائية أساسية لنمو العظام وصيانتها. يؤدي هذا النقص إلى فقدان كثافة المعادن في العظام، مما يجعل العظام ضعيفة وهشة ويزيد من خطر الإصابة بالكسور.
أما في حالة هشاشة العظام فتكون انسجة العظام صلبة ولكن تنخفض كتلة النسيج العظمي بمرور الوقت وتزداد الفراغات فى ما بين الأنسجة العظمية، وبالتالي تضعف وتترقق العظام التي تم تكوينها سابقًا بشكل صحي وطبيعي. يحدث هذا الضعف بسبب انخفاض كثافة المعادن في العظام. يمكن أن يتسبب نقص فيتامين د أو الكالسيوم أو عوامل أخرى، مثل التقدم في العمر أو بعض الحالات الطبية، في هشاشة العظام. ويمكنكم الاطلاع على المزيد عن هشاشة العظام بالنقر هنا.
أعراض تلين العظام عند الكبار
غالبًا لا توجد أي أعراض في المراحل المبكرة. ومع ذلك، يمكن أن يسبب لين العظام ما يلي مع تقدم الحالة:
- ألم في العظام والمفاصل
- تعرض العظام للكسر بسهولة، خاصة عظام الوركين وأسفل الظهر والقدمين.
- آلام وضعف العضلات، خاصة بعد التمارين الرياضية.
- تشنجات عضلية
- تشوه العظام، قد يصاب الأشخاص المصابون بلين العظام بانحناءات في العمود الفقري أو تشوهات أخرى في العظام.
- تنميل في اليدين والقدمين بسبب انخفاض مستويات الكالسيوم.
- صعوبة في المشي
- ضعف في التوازن وتنسيق الخطوات
- صعوبة في استخدام السلالم.
يظهر ألم العظام في أغلب الأحيان في الساقين والفخذين والركبتين، وأحيانًا في القدمين عند الوقوف أو المشي أو الجري. غالبًا ما يخفف الجلوس أو الاستلقاء للراحة من الألم. ولكن، أحيانًا يكون الألم شديدًا عند التعرض لضربه خفيفه على العظم.
مع تدهور الحالة، تبدأ أعراض لين العظام للكبار في الظهور بشكل أوضح. قد يشعر المريض بالألم في جميع أنحاء الجسم، ويمكن أن تؤدي الحركات البسيطة إلى ألم مبالغ بما لا يتسق مع بساطة الحركة، كما قد تصبح العضلات ضعيفة أو متيبسه.
يميل الضعف إلى التأثير على عضلات الفخذين والكتفين والجزء الرئيسي من الجسم – الجذع، مما يجعل من الصعب صعود السلالم، والنهوض من كرسي دون استخدام الذراعين لدعم باقي الجسم، وفي الحالات الشديدة جدًا، صعوبه في الخروج من الفراش.
أحد أعراض تلين العظام عند الكبار هو ظهور الكسور الكاذبة. والكسر الكاذب نوع من الكسور المرضية التي تعرض قشرة العظم للإجهاد.
تظهر هذه الكسور في العظام المصابة بالتلين، وتسمى الكسور الجزئية المرتبطة بلين العظام كسور كاذبة، بالإنجليزية Looser’s zone وكذلك Pseudofracture. والتي يمكن أن تكون مؤلمة للغاية وتجعل المشي صعبًا.
في بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي هذه التشققات إلى كسور كاملة. وقد تتكسر العظام بسهولة أكبر بسبب السقوط أو الضربات البسيطة التي لا تسبب عادةً كسرًا في العظام. وغالبًا ما تكون هذه الكسور السبب في اكتشاف الإصابة بلين العظام.
أسباب تلين العظام عند الكبار
تكاد تنحصر أسباب مرض لين العظام عند الكبار في نقص فيتامين دال وحالات قليلة تكون بسبب مشاكل فى الكلى او الجهاز الهضمي..
فيتامين (د) هو مغذي مهم يساعد على امتصاص الكالسيوم في المعدة، ويساعد فيتامين دال أيضًا في الحفاظ على مستويات الكالسيوم والفوسفات لتساعد العظام على البناء بشكل صحيح.
ويتم تصنيع فيتامين (D) داخل الجلد من خلال التعرض للأشعة فوق البنفسجية في ضوء الشمس. كما يمكن أيضًا امتصاصه من أطعمة مثل منتجات الألبان والأسماك، فالجسم لا يتمكن من معالجة الكالسيوم الذي تحتاجه العظام لتظل قوية في حالة المستويات المنخفضة من فيتامين د.
يمكن أن ينتج نقص فيتامين (د) عن:
- مشكلة في النظام الغذائي وعدم احتوائة على فيتامين دال أو الكالسيوم.
- عدم التعرض لأشعة الشمس.
- مشكلة في الجهاز الهضمي تتسبب في عدم امتصاص فيتامين د. مثل استئصال أجزاء من المعدة أو الأمعاء الدقيقة، أو الإصابة بمرض مثل مرض الزلاقي (السيلياك Celiac disease) والذي يؤدي إلى إتلاف بطانة الأمعاء ويمنع امتصاص العناصر الغذائية الأساسية مثل فيتامين د.
- يمكن أن تؤثر اضطرابات الكبد على استقلاب فيتامين د.
- الفشل الكلوي والحماض التنفسي أو الأيضي (ارتفاع نسبة حموضة الدم)
- اتباع نظام غذائي لا يشمل الفوسفور مما يؤدي إلى استنفاذ الفوسفات في الجسم. (الفسفور هو المسئول عن انتاج الفوسفات اللازم لتكوين العظام)
- بعض الأدوية مثل الكورتيزون والأدوية المضادة للاختلاج – مثل الفينيتوئين والفينوباربيتال – أيضًا قد تؤدي للإصابة بمرض تلين العظام.
- الأورام السرطانية
عوامل خطر الإصابة
تشمل عوامل خطر تلين العظام عند الكبار ما يلي:
- العمر: تزداد مخاطر الإصابة بتلين العظام مع تقدم العمر. خاصة المرضى الذين لا يستطيعون الحركة والخروج والتعرض للشمس.
- الجنس: ينتشر لين العظام عند النساء، فهن أكثر عرضة للإصابة من الرجال.
- لون البشرة: اصحاب البشرة الداكنة أكثر عرضة للإصابة بنقص فيتامين دال من الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة.
- الإقامة في مناطق لا تتعرض لأشعة الشمس: الأشخاص الذين يعيشون في مناطق مظللة معرضون لخطر أكبر للإصابة بنقص فيتامين (د).
- بعض الحالات الطبية: يمكن أن تزيد بعض الحالات الطبية من خطر الإصابة بتلين العظام، مثل أمراض الكلى وأمراض الكبد ومرض كرون، أو إزالة جزء من الأمعاء.
- تناول بعض الأدوية: يمكن أن تزيد بعض الأدوية من خطر الإصابة بتلين العظام، مثل الكورتيكوستيرويدات (الكورتيزون).
التشخيص
نظرًا لعدم وجود أعراض فورية لتلين العظام، قد يمر عامًا أو إثنين وربما ثلاثة أعوام قبل تشخيص المرض.
يتم تشخيص تلين العظام من خلال اختبارات الدم التي تبحث عن مستويات فيتامين (د) المنخفضة.
. قد يطلب الطبيب أيضًا إجراء اختبارات أخرى، تتمثل في إجراء أشعات تصويرية للعظام للبحث عن علامات ضعف العظام.
اختبارات الدم
تشمل اختبارات الدم التي يمكن استخدامها لتشخيص تلين العظام ما يلي:
- نسبة فيتامين د: وهو تحليل لين العظام الأساسي والذي يبحث عن مستويات فيتامين د في الدم.
- مستوى الكالسيوم: يبحث هذا الاختبار عن مستويات الكالسيوم في الدم. مستويات الكالسيوم المنخفضة يمكن أن تكون علامة على تلين العظام.
- نسبة الفوسفات: يبحث هذا الاختبار عن مستويات الفوسفات في الدم. مستويات الفوسفات المنخفضة قد تكون مؤشر على تلين العظام.
تساعد اختبارات الدم التالية أيضًا في التشخيص:
- تحليل الفوسفات القلوي، وهو مادة تُصنعها الخلايا المسئولة عن تصنيع العظام، وتوجد بنسب مرتفعة لدى الأشخاص الذين يعانون من لين العظام.
- تحليل هرمون الغدة الجار درقية، الذي يرتفع كجزء من رد فعل الجسم على انخفاض مستويات فيتامين د.
الأشعة التصويرية
قد يطلب الطبيب إجراء اختبارات أشعة تصويرية، للبحث عن علامات ضعف العظام:
- الأشعة السينية: تظهر الأشعة السينية الكسور الدقيقة أو تشوهات العظام الأخرى التي قد تدل على تلين العظام.
- الأشعة المقطعية: توفر صورًا أكثر تفصيلاً للعظام من الأشعة السينية.
يعتمد تشخيص تلين العظام على نتائج اختبارات الدم والتصوير معًا. فإذا كانت مستويات فيتامين دال منخفضة وكان هناك دليل على ضعف العظام، فمن المحتمل أن يعاني الشخص من تلين العظام.
علاج تلين العظام
يتضمن علاج تلين العظام تناول فيتامين د. وفي الأغلب يتم وصف تناوله كأقراص عن طريق الفم، ولكن قد يلزم في بعض الحالات إعطاء فيتامين د عن طريق الحقن. كما قد يصف الطبيب أيضًا مكملات الكالسيوم للإسراع بعملية شفاء العظام.
مكملات فيتامين د
تتوفر مكملات فيتامين د في شكل أقراص أو كبسولات أو قطرات. عادةً ما يتم وصف جرعة 5000 وحدة دولية من فيتامين د يوميًا للبالغين المصابين بتلين العظام، قد يحتاج بعض الأشخاص إلى جرعة أعلى، خاصةً إذا كانت مستويات فيتامين د لديهم منخفضة جدًا.
مكملات الكالسيوم
يمكن أن تساعد مكملات الكالسيوم أيضًا في علاج تلين العظام، حيث يساعد الكالسيوم على بناء العظام والحفاظ عليها. وعادةً ما يتم وصف جرعة 1000 ملليجرام من الكالسيوم يوميًا للبالغين المصابين بتلين العظام.
العلاج الطبيعي
يساعد العلاج الطبيعي الأشخاص المصابين بتلين العظام في الحفاظ على قوة وحركة عضلاتهم، كما يساعد أيضًا في تقليل الألم وتحسين التوازن.
تغييرات في نمط الحياة للعلاج والوقاية من تلين العظام
هناك أيضًا بعض التغييرات في نمط الحياة التي يمكن أن تساعد في الوقاية من تلين العظام أو تخفيف أعراضه، تشمل هذه التغييرات:
- التعرض لأشعة الشمس: يساعد التعرض لأشعة الشمس الجسم على إنتاج فيتامين (د). مع توخي الحذر لتجنب حروق الشمس.
- تناول نظام غذائي صحي: يجب أن يشمل نظامك الغذائي الأطعمة الغنية بفيتامين د والكالسيوم، مثل الأسماك الدهنية، وصفار البيض، ومنتجات الألبان المدعمة بفيتامين د.
- ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد التمارين الرياضية في تقوية العظام والعضلات، ويوصى بالحصول على 30 دقيقة على الأقل من النشاط البدني المعتدل يوميًا.
خاتمة
بمجرد بدء العلاج للحالة، ستلتئم الشقوق في العظام بشكل طبيعي، على الرغم من إحتياج المريض إلى مسكنات الألم أثناء العلاج، كما يجب مراعاة تجنب التمارين المكثفة حتى تلتئم الشقوق.
غالبًا ما يحتاج الأشخاص المصابون بفشل الكلى أو أشكال وراثية من لين العظام إلى المتابعة مدى الحياة مع طبيبهم، وعادةً ما يحتاجون إلى أشكال خاصة من فيتامين دال.
مع العلاج المناسب، يمكن أن يتحسن الأشخاص المصابون بلين العظام بشكل كبير. ومع ذلك، من المهم الاستمرار في تناول مكملات فيتامين (د) حتى بعد تحسن الأعراض.
References